}); أوكا بوست | قائد انتفاضة المورسكيين - الجزء الثاني - ukapost

آخر المواضيع

أوكا بوست | قائد انتفاضة المورسكيين - الجزء الثاني


والآن لنبقى مع شهادة أحد الجنود الفرنسيين المسيحيين الذين أرسلهم نابليون بونابرت سنة 1808 م في حملة عسكرية على إسبانيا، ليروي لنا بنفسه ما الذي وجده الفرنسيون في كنائس الإسبان بعد مرور أكثر من 300 سنة من التعذيب المستمر للمورسكيين المسلمين:

"أخذنا حملة لتفتيش أحد الأديرة التي سمعنا أن فيها ديوان تفتيش، وكادت جهودنا تذهب سدى ونحن نحاول العثور على قاعات التعذيب، إننا فحصنا الدير وممراته وأقبيته كلها. فلم نجد شيئًا يدل على وجود ديوان للتفتيش. فعزمنا على الخروج من الدير يائسين، كان الرهبان أثناء التفتيش يقسمون ويؤكدون أن ما شاع عن ديرهم ليس إلا تهمًا باطلة، وأنشأ زعيمهم يؤكد لنا براءته وبراءة أتباعه بصوت خافت وهو خاشع الرأس، توشك عيناه أن تطفر بالدموع، فأعطيت الأوامر للجنود بالاستعداد لمغادرة الدير، لكن اللفتنانت "دي ليل" استمهلني قائلًا: أيسمح لي الكولونيل أن أخبره أن مهمتنا لم تنته حتى الآن؟!! قلت له: فتشنا الدير كله، ولم نكتشف شيئًا مريبًا. فماذا تريد يا لفتنانت؟! قال: إنني أرغب أن أفحص أرضية هذه الغرف فإن قلبي يحدثني بأن السر تحتها. عند ذلك نظر الرهبان إلينا نظرات قلقة، فأذنت للضابط بالبحث، فأمر الجنود أن يرفعوا السجاجيد الفاخرة عن الأرض، ثم أمرهم أن يصبوا الماء بكثرة في أرض كل غرفة على حدة -وكنا نرقب الماء- فإذا بالأرض قد ابتلعته في إحدى الغرف. فصفق الضابط "دي ليل" من شدة فرحه، وقال ها هو الباب، انظروا، فنظرنا فإذا بالباب قد انكشف، كان قطعة من أرض الغرفة، يُفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جانب رجل مكتب رئيس الدير. أخذ الجنود يكسرون الباب بقحوف البنادق، فاصفرت وجوه الرهبان، وعلتها الغبرة.

 وفُتح الباب، فظهر لنا سلم يؤدي إلى باطن الأرض، فأسرعت إلى شمعة كبيرة يزيد طولها على متر، كانت تضئ أمام صورة أحد رؤساء محاكم التفتيش السابقين، ولما هممت بالنزول، وضع راهب يسوعى يده على كتفي متلطفًا، وقال لي: يا بني: لا تحمل هذه الشمعة بيدك الملوثة بدم القتال، إنها شمعة مقدسة. قلت له، يا هذا إنه لا يليق بيدي أن تتنجس بلمس شمعتكم الملطخة بدم الأبرياء، وسنرى من النجس فينا، ومن القاتل السفاك!؟! وهبطت على درج السلم حتى وصلنا إلى آخر الدرج، فإذا نحن في غرفة كبيرة مرعبة، وهي عندهم قاعة المحكمة، في وسطها عمود من الرخام، به حلقة حديدية ضخمة، وربطت بها سلاسل من أجل تقييد المحاكمين بها. وأمام هذا العمود كانت المصطبة التي يجلس عليها رئيس ديوان التفتيش والقضاة لمحاكمة الأبرياء. ثم توجهنا إلى غرف التعذيب وتمزيق الأجسام البشرية التي امتدت على مسافات كبيرة تحت الأرض. رأيت فيها ما يستفز نفسي، ويدعوني إلى القشعريرة والتقزز طوال حياتي! فقد رأينا غرفًا صغيرةً في حجم جسم الإنسان، بعضها عمودي وبعضها أفقي، فيبقى سجين الغرف العمودية واقفا على رجليه مدة سجنه حتى يموت، ويبقى سجين الغرف الأفقية ممدًا بها حتى الموت، وتبقى الجثث في السجن الضيق حتى تبلى، ويتساقط اللحم عن العظم، وتأكله الديدان، ولتصريف الروائح الكريهة المنبعثة من جثث الموتى فتحوا نافذة صغيرة إلى الفضاء الخارجي، وقد عثرنا في هذه الغرف على هياكل بشرية ما زالت في أغلالها. كان السجناء رجالًا ونساءً، تتراوح أعمارهم ما بين الرابعة عشرة والسبعين، وقد استطعنا إنقاذ عدد من السجناء الأحياء، وتحطيم أغلالهم، وهم في الرمق الأخير من الحياة. كان بعضهم قد أصابه الجنون من كثرة ما صبوا عليه من عذاب، وكان السجناء جميعًا عرايا، حتى اضطر جنودنا إلى أن يخلعوا أرديتهم ويستروا بها بعض السجناء. أخرجنا السجناء إلى النور تدريجيًا حتى لا تذهب أبصارهم، كانوا يبكون فرحًا، وهم يقبّلون أيدي الجنود وأرجلهم الذين أنقذوهم من العذاب الرهيب،

وأعادوهم إلى الحياة، كان مشهدًا يبكي الصخور. ثم انتقلنا إلى غرف أخرى، فرأينا فيها ما تقشعر لهوله الأبدان، عثرنا على آلات رهيبة للتعذيب، منها آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري، كانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيا، حتى يهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم، هكذا كانوا يفعلون بالسجناء الأبرياء المساكين، ثم عثرنا على صندوقٍ في حجم جسم رأس الإنسان تمامًا، يوضع فيه رأس الذي يريدون تعذيبه بعد أن يربطوا يديه ورجليه بالسلاسل والأغلال حتى لا يستطيع الحركة، وفي أعلى الصندوق ثقب تتقاطر منه نقط الماء البارد على رأس المسكين بانتظام، في كل دقيقة نقطة، وقد جُنّ الكثيرون من هذا اللون من العذاب، ويبقى المعذب على حاله تلك حتى يموت. وآلة أخرى للتعذيب على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة، كانوا يلقون الشاب المعذب في هذا التابوت، ثم يطبقون بابه بسكاكينه وخناجره. فإذا أغلق مزق جسم المعذب المسكين، وقطعه إربًا إربًا. كما عثرنا على آلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد ليخرج اللسان معها, ليقص قطعة قطعة، وكلاليب تغرس في أثداء النساء وتسحب بعنفٍ حتى تتقطع الأثداء أو تبتر بالسكاكين. وعثرنا على سياط من الحديد الشائك يُضرب بها المعذبون وهم عراة حتى تتفتت عظامهم، وتتناثر لحومهم"

أكتفي بهذا القدر من شهادة هذا الضابط الفرنسي، لكي لا أعكر مزاج القارئ الكريم أكثر من ذلك، ولعلنا الآن فهمنا لماذا أخفى الرئيس الأمريكي (أبراهام لِنكون) إسلامه، فهذا الذي ذكرته لا يمثل إلا الشيء اليسير من ألوان التعذيب المرعبة التي قام بها المسيحيون بمباركة من بابا الفاتيكان نفسه، أما الكلاب القذرة التي تدعي أن الإِسلام انتشر بحد السيف وأن دينهم هو دين المحبة فأهديهم بعض كلمات المؤرخ الفرنسي (غوستاف لوبون) في كتابه "حضارة العرب" حيث يقول عن محاكم التفتيش: "يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائضنا من قصص التعذيب والاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرين على المسلمين المنهزمين، فلقد نصّروهم عنوة، وسلموهم لدواوين التفتيش التي أحرقت منهم ما استطاعت من المجموع. واقترح القس "بليدا" قطع رؤوس كل المسلمين دون أي استثناء ممن لم يعتنقوا المسيحية بعد، بما في ذلك النساء والأطفال، وهكذا تم قتل أو طرد ثلاثة ملايين مسلم".

وكعادة عظماء أمة الإِسلام. . . . . خرج من رحم هذه العذابات شابٌ من المورسكيين تبدو عليه ملامح قرشيّة اسمه:


(فرناندو دو قرطبة وبالور) (Fernand de cordoba y Valor) ومثل مالكوم إكس كان يعلم أن هذا الاسم ليس اسمه الحقيقي، بل اسم مسيحي سماه به النصارى، وكان يعلم أنه من سلالة رجالٍ عظماء يُقال لهم "بنو أمية"، فغير فرناندو اسمه إلى محمَّد بن أمية، ليقود أروع انتفاضة عرفتها الأندلس بعد سقوطها, ليعيد توحيد صفوف المورسكيين، وليكوِّن جيشا شعبيًا قوامه من المدنيين المورسكيين، ليحارب به الإمبراطورية الإسبانية، فيحقق به المستحيل!. . . . . فقد يندهش البعض حين يعلم أن القوات الشعبية لمحمد بن أمية الأموي استطاعت من أن تحرر مدينة "ألمرية" ومدينة "مالقا" من أيدي النصاري الكستاليين، وللتذكير فقط: نحن نتحدث عن وقت سقطت فيه الأندلس منذ أكثر من 75 سنة! بل إن هذا القائد الإِسلامي العظيم سليل الشرفاء من بني أمية، استطاع أن يشعلها انتفاضة إسلامية في ربوع إسبانيا سميت في التاريخ ب "انتفاضة جبال البشرات"، فاضطر الملك الإسباني "فيليبي الثاني" أن يطلب العون من "إمبراطورية النمسا" لإنقاذ إسبانيا من ذلك الصقر القرشي، وفعلًا استطاعت هذه القوات الإمبراطورية أن تقمع هذه الإنتفاضة الشعبية، ليُستشهد البطل الأموي العظيم محمَّد بن أمية في سبيل اللَّه، ليطوي بذلك صفحة مشوقة في سجل أبيض كتبه رجالٌ من قريش ينتمون إلى آل أمية بن حرب، فيضيف بذلك اسمه إلى أسماء أجداده: عمرو بن العاص، وأبي سفيان ابن حرب، وعقبة بن نافع، ويزيد بن معاوية، وعبد الرحمن الداخل، وعبد الرحمن الناصر، وعمر بن عبد العزيز، والفارس الإِسلامي البطل: معاوية بن أبي سفيان رحمهم اللَّه جميعًا. (سيظهر في نهاية الكتاب من على قمة جبال الهملايا في الهند بطل أموي آخر وذلك التاسع عشر الميلادي!).

ليست هناك تعليقات